ما هي شروط الحجاب الشرعي ؟
حتى لا يكون الحجاب ( حجابَ تبرجٍ ) ، لا بد من أن تتوفر فيه الشروط التالية ليكون حجاباً شرعياً مَرْضِيّاً :ـ
أولاً : استيعاب جميع البدن :ـ
يشترط في الحجاب أن يكون ساتراً لجميع البدن ، ولا خلاف بين العلماء في وجوب ستر ما عدا الوجه والكفين ، واختلفوا في وجوب ستر الوجه والكفين على قولين :ـ
القول الأول : أنه يجب سترهما مطلقاً ( سواء أُمنت الفتنة أم لا )ـ
القول الثاني : أنه يجب سترهما إذا لم تُؤمن الفتنة ، ويجوز كشفهما إذا أُمنت الفتنة.ـ
وبهذين القولين انحصرت أقوال المذاهب الأربعة المعتبرة ( الحنفي ، والمالكي ، والشافعي ، والحنبلي ) وليس المجال هنا لسرد كل أدلة هذه الأقوال ، إذ قد دلّ على وجوب ستر الوجه والكفين : سبع آيات في القرآن الكريم ، وحوالي ثلاثون حديثاً(1) ، فمن القرآن قوله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن)(2)ـ
أي : يرخين عليهن أَرْدِيَتَهُنّ ويغطين بها وجوههن وأجسامهن ، وقوله تعالى : وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهنّ )(3) ، ومن الأحاديث مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( المرأة عورة ) ، فإذا كانت عورة فينبغي سترها ولم يُخصص من هذه العورة شيء ، و لما دخل ابن أم مكتوم على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعنده زوجتاه ميمونة وأم سلمة ـ قال لهما : ( احتجبا منه ) فقالتا : يا رسول الله أليس أعمى لا يُبْصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه )(4) ، إلى غير ذلك من الأدلة .ـ
وعلى كل حال فأقوال المذاهب الأربعة أمامنا ، وسنجد أننا في النهاية سنرجع إلى قول واحد وهو ستر الوجه والكفين لأننا في زمن لا تؤمن فيه الفتنة ، ويكفي المؤمنة أن تعلم مشروعية هذا الفعل حتى تطبقه أو على الأقل لا تهزأ بمن يطبقه.ـ
ثانيا : أن لا يكون زينة في نفسه :ـ
وذلك لأن المقصود من الحجاب ستر الزينة ، فلا يعقل حينئذ أن يكون الحجاب نفسُه زينة ، وإلا دخلت تحت النهي العام في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن )(5) .ـ
ثالثاً : أن يكون صفيقاً لا يَشِف :ـ
أما الصفيق فلأن الستر لا يتحقق إلا به ، وأما الشفاف فإنه يزيد المرأة فتنة وزينة ، ولذلك جاء في وصف نساء أهل النار : ( كاسيات عاريات ) فهن لابسات للثياب ولكنها رقيقة جداً حتى كأنه لا ثياب عليهنّ .ـ
رابعاً : أن يكون فضفاضاً غير ضيقٍ :ـ
لأن الغرض من الثوب رفع الفتنة ولا يحصل ذلك إلا بالفضفاض الواسع ، وأما الضيق فإنه وإن ستر لون البشرة فإنه يصف حجم جسمها أو بعضه ويصوره في أعين الرجال ، وفي ذلك من الفساد والدعوة إليه ما لا يخفى ، والمرأة ينبغي أن تستحي بمثل هذه الثياب وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الحياء والإيمان قُرِنا جمعياً ، فإذا رُفِع أحدهما رُفِع الآخر )(6) .ـ
خامساً : أن لا يكون معطراً ومطـيّباً ومبخراً :ـ
فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيُّما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عينٍ زانية )(7) .ـ
سادساً : أن لا يشبه لباس الرجال :_
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد توعد من يفعل ذلك ففي الحديث : ( لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال ، والمتشبهين من الرجال بالنساء )(8).ـ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لِبْسة المرأة ، والمرأة تلبس لِبْسة الرجل )(9).ـ
وعليه : فلا يجوز للمرأة أن تلبس لباساً مشابهاً للباس الرجل كالبنطلون ونحو ذلك.ـ
سابعاً : أن لا يشبه لباس الكافرات :ـ
فقد نهانا الله عن التشبه بالكفار فقال : ( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم )(10) أي : لا تتشبهوا بهم ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من تشبه بقوم فهو منهم)(11).ـ
ثامناً : أن لا يكون لباس شهرة :ـ
لباس الشُّـهرة هو : كل ثوب يُقصد به الاشتهار بين الناس سواء كان الثوب نفيساً يلبسه تفاخراً بالدنيا وزينتها ، أو خسيساً يلبسه إظهاراً للزهد والرياء ، فيقصِد بهذا كله الاشتهار ليرفع الناسُ إليه أبصارهم ويختال عليهم بالعُجْب والتكبر .ـ
فعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مَذَلَّةٍ يوم القيامة ثم أُلْهِب فيه ناراً ) (12).ـ
$$$$$$
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين**************
المراجع:
المقصود بـ ( أمن الفتنة ) هنا : أن لا يتعرض أحد للمرأة بحيث أنها لو مرت في طريق لا ينظر إليها أحد ، ولا يلتفت إليها رجل! فهي تأمن من افتتان الناس بها ، فأين هذا من حالنا اليوم ؟!!.ـ
) بعض هذه الأحاديث يدل بعمومه على وجوب ستر الوجه والكفين وبعضها يدل بخصوصه ، والنتيجة واحدة لأنها تفيد المقصود
) سورة الأحزاب ، آية رقم : 59
) سورة الأحزاب ، آية رقم : 53 ، وتسمى هذه الآية : آية الحجاب
) رواه الترمذي ، وهو حديث صحيح
) رواه أبوداود و الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ، وقال النووي : " وهذا الحديث حسن ، ولا يلتفت إلى قدح من قدح فيه بغير حجة معتمدة " شرح النووي ( 10 / 97 ).ـ
) سورة النور ، آية رقم : 31
) رواه الحاكم في ( مستدركه ) وصححه ووافقه الذهبي
) رواه الإمام أحمد في ( مسنده ) ، والنسائي ، والحاكم في ( مستدركه ) و صححه ووافقه الذهبي
) رواه أحمد و أبوداود و الترمذي وابن ماجة ، وهو حديث صحيح . واللعن : هو الطرد من رحمة الله
) رواه أحمد و أبوداود وابن ماجة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي
) سورة الحشر ، آية رقم : 19
) رواه أحمد و أبوداود ، وهو حديث صحيح
) رواه أبوداود وابن ماجة ، وإسناده صحيح