ما الضرر في التبرج وما أثر ذلك عليّ وعلى غيري ؟

مضار ومثالب التبرج

التبرج : هو كل عمل أو مظهر تعمله المرأة بقصد جلب الأنظار إليها .ـ

فليس التبرج محصوراً في كشف الشعر أو الساق أو الذراع ونحو ذلك ، بل قد تستر المرأة كل ذلك وتعمل عملا بقصد جلب النظر إليها فهي متبرجة ، تستحق الذم .ـ

أولا : التبرج معصية لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم :ـ

فالله سبحانه وتعالى أمر بالحجاب ، فمن ترك هذا الأمر فقد عصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فالعاصي لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )(1)

فكيف يعصي الإنسان ربّه وخالقه وهو لا يجرؤ على معصية أمر المخلوق كالوزير أو المدير أو الرئيس ؟!ـ

ثانياً : التبرج كبيرة موبِقة من كبائر الذنوب:ـ

جاءت أُميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام ، فقال: ( أبايعكِ على أن لا تشركي بالله ، ولا تسرقي ، ولا تزني ، ولا تقتلي وَلَدَكِ ، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ، ولا تنوحي ، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى )(2)

فتأمل كيف قَرَنَ النبي صلى الله عليه وسلم التبرج بأكبر الكبائر المهلكة كالشرك والسرقة والزنا والقتل !!ـ

ثالثاً : التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله :ـ

فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(: سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البُخْت ، العنوهن فإنهنّ ملعونات )(3)

رابعاً : التبرج من صفات أهل النار :ـ

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( صِنفان من أهل النار لم أرَهما : قومٌ معهم سِياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساءٌ كاسيات عاريات ، مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البُخْت المائلة ، لا يدخلن الجنة،ولا يجدن ريحها،وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )(4)

خامساً : التبرج سواد وظلمة يوم القيامة :ـ

يُروى في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مثلُ الرّافِلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها )(5)

سادساً : التبرج نفاق :ـ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير نسائكم الودود الولود المواتية المواسية ـ إذا اتقين الله ـ وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات ـ وهن المنافقات ـ لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم )(6)

سابعاً : التبرج فاحشة :ـ

فإن المرأة عورة ، وكشف العورة فاحشة ، والمتبرجة جرثومة تنشر الفاحشة في المجتمع ـ شَعَرت بذلك أم لم تشعر ـ وقد توعّد الله من يحب نشر الفاحشة بالعذاب فكيف مَن ينشرها ، فقال : ( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )(7) ، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيُّما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية ، وكلُّ عين زانية )(8)

ثامناً : التبرج تَهَتُكٌ وفضيحة :ـ

عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيُّما امرأة وضَعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هَتَكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل )(9)

تاسعاً : التبرج سُنّةٌ إبليسية :ـ

فإبليس هو الذي وسوس لآدم أن يأكل من الشجرة ، وهو الذي حرص على إغوائه وفتنته ليخرجه من الجنة ، وهو الآن يوسوس لإغواء الناس وفتنة البشر وكشف العورات ، لقد تاب آدم واستغفر فقَبِل الله توبته وغفر له ، وبقي الدرس لذريته من بعده متمثلاً بقوله تعالى : ( يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة يَنْزِع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )(10)، وقوله تعالى : ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير )(11)

عاشراً : التبرج من سنن اليهود والضالين :ـ

لقد اتفق مخططو ( الدولة الصهيونية ) ومقررو ( بروتوكولات حكماء صهيون ) على أن الوسيلة المثلى لتدمير الإسلام هي بإشاعة الفاحشة من خلال الأفلام الماجنة والأزياء الخليعة .ـ

وما توقف اليهود عن السعي في تطبيق هذه الأمور ـ كما قال تعالى عنهم (: ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين )(12) ـ فأصدروا المجلة الخليعة والصورة الفاتنة والأفلام الإباحية والقنوات الفضائية المدمرة ، واستغلوا جسم المرأة في كل شيء حتى في بعض الدعايات التجارية التي لا يليق بالمرأة أن تظهر فيها .ـ

وهذا الأسلوب ليس مستغرباً على بني إسرائيل لأن هذا هو شأنهم ودأبهم منذ قديم الزمان ، فقد ( كانت امرأة من بني إسرائيل قصيرة تمشي مع امرأتين طويلتين ، فاتخذت رِجلين من خشب،وخاتماً من ذهب مغلفاً بطين ثم حشته مِسْكاً ـ وهو أطيب الطيب ـ فمرت بين المرأتين فلم يعرفوها ، فقالت بيدها هكذا ، وكانت إذا مرت بالمجلس حركته ـ أي الخاتم ـ فنفخ ريحه )(13)، بل كنّ يفعلن غير ذلك أيضاً فقد قالت عائشة رضي الله عنها : " كنّ نساء بني إسرائيل يَتَخِذْن أرجلا من خشب يَتَشَرَفْنَ للرجال في المسجد فحرم الله عليهن المساجد وسُلِّطت عليهنّ الحيضة " (14)

ولقد استمر اليهود في هذا الأسلوب فسخّروا كل طاقاتهم وإمكاناتهم ليشغلوا العالَم بالمرأة ـ لا بخدمتها بل باستغلالها ـ حتى قال أحد المجرمين منهم : " كأس وغانية تفعلان بأمة محمد ما لا تفعله المدافع " ، وقال (جلاد ستون ) رئيس وزراء إنكلترا : " لن تستقيم حالة الشرق ما لم يُرْفع الحجاب عن وجه المرأة ويغطى به القرآن ".ـ

حادي عشر : التبرج جاهلية مُنْتِـنَةٌ :ـ

وصف الله التبرج بأنه جاهلية فقال : ( وقَرْن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )(15)، وقد تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من كل من يدعو بدعوى الجاهلية فقال : ( ليس منّا من ضرب الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية )(16)

ثاني عشر : التبرج حيوانية وتخلف وانحطاط وانتكاس :ـ

فلقد امتن الله علينا باللباس وستر العورات فقال : ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم )(17)،وكرّمنا الله وفضلنا على البهائم وعلى كثير من خلقه فقال : ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا )(18)، فسَتْرُ العورة من شأن بني الإنسان ، ولذلك لا تجد حيوانا يستر عورته بثوب ، والإنسان بفطرته لا يحب التكشف ولذلك حُبُّ التكشف والتعري هو انتكاس للفطرة ، وحتى دعاة تحرير المرأة أنفسهم يعترفون بأن الإنسان بدأ حياته على طريقة الحيوان عارياً ، ثم رأى أن يستر جسمه بأوراق الشجر ، ثم بجلود الحيوانات ، ثم ترقى في مدارج الحضارة فاكتشف الإبرة وابتدع وسيلة الحياكة ، فاستكمل ستر جسمه ، فهذا يدل على أن فكرة التستر هي وليدة التقدم المدني ، فكل زيادة في هذا التقدم تؤدي إلى زيادة الحشمة والستر ، وكل خلل في كمال الستر فهو عنوان التخلف والانحطاط(19)

ثالث عشر : التبرج باب شر مستطير :ـ

لقد ترتب على التبرج مفاسد كبيرة وعواقب وخيمة ، فمن ذلك :ـ

أ ـ الإعراض عن الزواج ، وشيوع الفواحش ، وسيطرة الشهوات .ـ

ب ـ انعدام الغيرة ، واضمحلال الحياء . جـ ـ كثرة الجرائم الأخلاقية وغيرها.ـ

د ـ فساد أخلاق الشباب خاصة المراهقين ، ودفعهم إلى الفواحش المحرمة بأنواعها.ـ

هـ ـ تحطيم الروابط الأسرية وانعدام الثقة بين أفرادها وتفشي الطلاق .ـ

و ـ المتاجرة بالمرأة كوسيلة دعاية أو ترفيه في مجالات التجارة ونحوها .ـ

ز ـ الإساءة إلى المرأة نفسها والإعلان عن سوء نيتها وخبث طويتها مما يعرضها لأذى السفهاء.ـ

حـ ـ انتشار الأمراض المعدية والخطيرة ـ مثل السيدا ( الإيدز ) وغيره ـ وهذا هو مِصْداق حديث النبي صلى الله عيه وسلم : ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا )(20)

ط ـ تسهيل معصية الزنا بالعين كما قال صلى الله عليه وسلم( العينان زِناهما النظر )(21)

ي ـ استحقاق نزول العقوبات العامة والتي هي أخطر من الزلازل والأعاصير والحروب كما قال تعالى : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً )(22)، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب )(23)

***************

المراجع :

             موبقة : أي مهلكة

                 المقصود بالبهتان الذي تفترينه : أي لا تخوني زوجك وتنسبي إليه ولداً ليس منه

                 ( أسنمة ) : جمع ( سنام ) ، وهو أعلى ظهر البعير ، و ( البُخْت ) : جِمال طوال الأعناق

                 الجيوب : جمع جيب ، والمقصود به جيب القميص والثوب ، وهو ما يدخل منه الرأسعند لبسه

  1. ) رواه البخاري

  2. ) رواه الإمام أحمد في ( مسنده ) بإسناد صحيح

  3. ) رواه الطبراني في ( المعجم الصغير ) وهو حديث صحيح ، والمعنى : أن فعلهن فعلٌ ملعون لا أنه يجوز لعنهن بأشخاصهن

  4. ) رواه مسلم في صحيحه

  5. ) رواه الترمذي في ( سننه ) ، والرافلة : المتبخترة المتمايلة في مشيتها ، قال ابن العربي : " ذكره الترمذي وضعفه ، ولكن المعنى صحيح ، فإن اللذة في المعصية عذابٌ ، والراحة نَصَبٌ ، والشِبَع جوعٌ ، والبركة مَحْقٌ ، والنور ظلمةٌ ، والطيّب نَتَنٌ ... ".ـ

  6. ) رواه البيهقي في ( السنن الكبرى ) ، وهو صحيح ، ( الودود ) : المتحببة إلى زوجها ، ( المواتية ) : المطيعة المواسية الصابرة التي تسلّي زوجها وتواسيه وتطيب خاطره خصوصاً عند المصائب ، ( المتخيلات ) : المتكبرات ، ( الغراب الأعصم ) : هو الأبيض الجناحين ، وقيل : الأبيض الرجلين ، وقيل : هو أحمر المنقار والرجلين ، وهذا الوصف في الغِربان قليل جداً فكما أن وجود هذا الصنف قليل فكذلك دخول من هذا وصفها إلى الجنة قليل ، وهذا يقتضي من المرأة أن تخاف أن تكون من هذا الصنف .ـ

  7. ) سورة النور ، آية رقم : 19

  8. ) رواه الإمام أحمد في ( مسنده ) ، والنسائي ، والحاكم في ( مستدركه ) و صححه ووافقه الذهبي

  9. ) رواه الإمام أحمد في ( مسنده ) ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي ، و( الهتك ) : خَرْقُ الستر عما وراءه ، و( الهتيكة ) الفضيحة، والمقصود بقوله : ( وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ) أي تكشفت أمام من لا يحل لها أن تتكشف أمامهم ، فكما أنها كشفت عورتها ولم تستر نفسها يهتك الله سترها ويفضحها ، والجزاء من جنس العمل

  10. ) سورة الأعراف ، آية رقم : 27 ، ( لا يفتننكم ) أي لا يضلنكم ولا يخدعنكم ، ( قبيله ) : أي جنوده وذريته

  11. ) سورة فاطر ، آية رقم : 6

  12. ) سورة المائدة ، آية رقم : 64

  13. ) رواه أحمد في مسنده ، وهو صحيح

  14. ) رواه عبد الرزاق بسند صحيح

  15. ) سورة الأحزاب ، آية رقم 33

  16. ) رواه البخاري ومسلم

  17. ) سورة الأعراف ، آية رقم : 26

  18. ) سورة الإسراء ، آية رقم 70

  19. ) راجع : كتاب ( عودة الحجاب ) لمحمد أحمد المقدم ( 2 /140 )

  20. ) رواه ابن ماجة في سننه ، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي

  21. ) رواه مسلم في صحيحه

  22. ) سورة الإسراء ، آية رقم : 16

  23. ) رواه أحمد و أبوداود و الترمذي ، وهو حديث صحيح