هل أُمرت غير المسلمة بالحجاب ؟ (تاريخ الحجاب)ـ

من الأوهام الشائعة عند كثير من الناس أن الحجاب نظام ابتدعه الإسلام أو ابتدعته تركيا، وليس الأمر كذلك بل هو أمر مشروع ومقرر في الأمم السابقة

ومن يقرأ كتب التاريخ والكتب الدينية كالتوراة والإنجيل ـ رغم تحريفها ـ يعلم بأن حجاب المرأة كان معروفا بين العبرانيين من عهد إبراهيم عليه السلام وظل معروفا بينهم في أيام أنبيائهم جمعيا إلى ما بعد ظهور النصرانية

وقد تكررت الإشارة إلى البرقع في غير كتاب من كتب العهدين القديم والجديد:(1)

ففي الإصحاح الرابع والعشرين من ( سِفْر التكوين ) ورد ما نصه : ( ورفعت رِفْقَةُ عينيها فرأت إسحاق فنزلت عن الجمل وقالت للعبد من هذا الرجل الماشي في الـحَقْل للقائنا فقال العبد : هو سيدي ، فأخذت الـبُـرْقع وتغطت ).ـ

وفي الإصحاح الثامن والثلاثين من ( سِفْر التكوين ) أيضاً : ( فمضت ثامار وقعدت في بيت أبيها ولما طال الزمان ماتت ... امرأة يهوذا ، ثم تعزى يهوذا فصعد إلى جُزَّاز غنمه ... ، فأُخبرت ثامار ... فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلففت).ـ

وفي الإصحاح الأول من ( نشيد الإنشاد ) الذي لسليمان : ( أَخْبِرني يا مَنْ تحبه نفسي أين ترعى ... عند الظهيرة ، لماذا أنا أكون كمُقَنَّعة عند قُطْعان أصحابك ... ).ـ

وفي الإصحاح الثالث من ( سِفْر إِشَعْيَاء ) ما معناه : إن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن بأن ينزع عنهن زينة الخلاخيل والضفائر والأهِلَّة والحِلَق والأساور والعصائب .(2)ـ

وينسب إلى ( بولس ) أنه قال : ( إن النقاب شرفٌ للمرأة ) .ـ

وكانت المرأة عندهم تضع البرقع على وجهها حين تلتقي بالغرباء ، وتخلعه حين تنزوي في الدار بلباس الحداد .ـ

وكانت الكنيسة في القرون الوسطى تخصص جانبا منها للنساء حتى لا يختلطن بالرجال .ـ

بل جاء في النصوص عندهم : ( لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع ولكن لستُ آذن للمرأة أن تعلِّم ولا تتسلط على الرجل بل تكون في سكوت )(3).ـ

وجاء في نصائح العجائز :أن( يَنْصَحن الحَدَثات أن يكنّ مُحِبات لرجالهن ويحببن أولادهن متعقلات عفيفات ملازماتٍ بيوتهن صالحات خاضعات لرجالهن)(4)ـ

وجاء أيضا في نصوصهم : ( لِتصْمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهن أن يتكلمن بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا ، ولكن إن كن يردن أن يتعلمن شيئا فليسألن رجالهن في البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة )(5).ـ 

وجاء أيضا : ( وأما كل امرأة تصلي ورأسها غير مغطى فتشين رأسها لأنها والمحلوقة شيء واحد بعينه )(6).ـ 

كما تكررت الإشارة إلى لزوم العفة في غير موضع من كتبهم(7).ـ

وقال الكونت ( هنري دي كاستري ) : ( ربما كان الإنجيل أكثر تدقيقا في التشديد ـ يعني في الحجاب ـ ولكنه لا يعملُ به إلا قومٌ خصهم الله بمواهب الكمال ) .ـ

وفي يوم من الأيام حكمت الكنيسة الأرثوذكسية بحرمان المرأة حقها في المجتمع فحظرت عليها حضور المآدب والحفلات ، وألزمتها الحجاب صامتة صابرة ، لا شأن لها إلا الطاعة للزوج ، والقيام بالغزل والنسيج ، وطهي الطعام ، وإذا خرجت من بيتها خرجت مستورة الجسم من قِمة رأسها إلى أَخْمَصِ قدميها .ـ

ولعله لهذا بقيت آثار البرقع و الحجاب عند أهل الكتاب حتى يومنا هذا ، وذلك واضح في زي راهبات النصارى ، ودخول النصرانيات الكنيسة ، وقد غطينَ رؤوسهن بساتر بل هن حتى اليوم في حفلات أعراسهن يغطين وجوههن بنقاب شفاف فلعله من بقايا دينهم.ـ

وفي حوالي عام 1992 م ذكر أحد الباحثين من دولة الإمارات العربية المتحدة في بعض الصحف المحلية تقريراً عن قرية نصرانية في الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال محافظة على تعاليم الدين النصراني فالنساء محجبة والرجال لا يختلطون بالنساء وأعجب من ذلك أنهم ينتظرون ـ حسب ما قرؤوه في الإنجيل ـ بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.ـ

ومن هذا كله يعلم بأن الحجاب من الفضائل التي دعت إليها كل الشرائع ، وليس هو مختصا بالمسلمين .ـ

***************

المراجع

      تاريخ الحجاب: للاستزادة من هذا الموضوع وما بعده يراجع كتاب ( عودة الحجاب ) للشيخ محمد أحمد المقدم ، فإنه مفيد جداً .ـ

  1. ) كتب العهد القديم والعهد الجديد مطبوعة حاليا ضمن كتاب واحد باسم ( الكتاب المقدس ) .ـ

  2. ) والنص الحرفي كما ورد في ( سِفْر إِشَعْيَاء ) هو : ( وقال الرب من أجل أن بنات صِهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الأعناق وغامزات بعيونهن وخاطرات في مشيهن ويخشخشن بأرجلهن ، يُصْلِع السيدُ هامة بنات صِهيون ويعرِّي الرب عورتهن ، ينزع السيد في ذلك اليوم زينة الخلاخيل والضفائر والأهِلَّة والحِلَق والأساور والبراقع والعصائب والسلاسل والمناطق وحناجر الشَّمَّامات والأحْراز والخواتم وخَزَائم الأنف والثياب المزخرفة والعُطْف والأَرْدِية والأكياس والـمَرَائي والقمصان والعمائم والأُزُر ، فيكون عِوَض الطِّيب عُفُونَةٌ وعِوَض المِنطقة حَبْلٌ و عِوَضَ الجدائل قَرَعَةٌ و عِوَضَ الديباج زُنّارُ مِسْحٍ و عِوَضَ الجمال كَيٌّ ) .ـ

  3. ) انظر : رسالة بولس الرسول الأولى إلىتِيموثاوس : الإصحاح : 2

  4. ) انظر : رسالة بولس الرسول إلى تِيطُسَ : الإصحاح : 2

  5. ) انظر :رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس : الإصحاح : 14

  6. ) انظر :رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس : الإصحاح : 11

  7. ) انظر على سبيل المثال المواضع التالية : رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس : الإصحاح : 7 و 11 ، ورسالة بطرس الرسول الأولى : الإصحاح : 3